تلخيص ممتاز لمادة علم الإجرام ( الجزء الثالث )
"الطبيعة العلمية لعلم الإجرام وعلاقته بالعلوم الجنائية: "
بسم الله الرحمان الرحيم
تطرقنا في الموضوع السابق للجزء الأول (تعريف علم الإجرام ) و الجزء الثاني (مفهوم الجريمة و المجرم ) من ملخص علم الإجرام و يمكنكم الرجوع للأجزاء السابقة بضغط عليها
تذكير : يمكنكم تحميل ملخص علم الإجرام كاملا و على شكل PDF من أسفل كل موضوع
في هذا الجزء من ملخص علم الإجرام سنتعرف على الطبيعة العلمية لعلم الإجرام وعالقته بالعلوم الجنائية: خلال تتبع التقسيم السابق لملخص علم الإجرام .
الفصل الثاني:الطبيعة العلمية لعلم الإجرام وعلاقته بالعلوم الجنائية:
الفرع الأول:الطبيعة العلمية لعلم الإجرام:
انقسمت أراء الباحثين حول مدى إضفاء صفة العلم على الدراسات التي تهتم بالبحث في أساليب ودوافع السلوك الإجرامي، فهناك من شكك في تلك الطبيعة العلمية، وهناك من تمسك بإضفاء صفة العلم على هذه الدراسات.
وما يلاحظ أن الظاهرة الإجرامية لا تتم دراستها كظاهرة موحدة دون تجزئتها إلى مظاهر ومستويات مختلفة، وذلك بفعل تداخل عدة علوم وحقول معرفية أخرى، مما أدى إلى القول لدى بعض الباحثين أن علم الإجرام علم مركب وبالتالي مستقل.
وفي جانب آخر يرى البعض أن علم الإجرام ال يمكن اعتباره علما مستقال بذاته لأنه يتكون من مجموعة من العلوم الأخرى نذكر منها:
1.علم النفس الجنائي: إن التحليل النفسي اهتم طويلا بالسلوك الإجرامي، ولكن فقط من زاوية اعتباره خللا أو مرض عقلي، علما أن"سيزار لمبروزر"،لم يغفل دور العامل النفسي واعتبر المجرم وحش مجنون، وبالتالي فعلم النفس الجنائي هو أيضا بدوره له اهتماماته الخاصة بالظاهرة الإجرامية،ولكن فقط في حقل اهتماماته العلمية.
2.علم الإجتماع الجنائي: لا يتم دراسة الظاهرة الإجرامية من الزاوية النفسية، بل أيضا يتم إعتبار العامل السوسيولوجي له دور هام في هذا المجال.
فمنذ النصف الأول من القرن التاسع عشر قام Quetelet et Guerry بصياغة قوانين الإجرام بالإعتماد على أولى الإحصائيات الجنائية التي تم إصدارها آنذاك.
أما دراسة العوامل السوسيولوجية بدأت مع تأسيس المدرسة الفرنسية للوسط االجتماعي، وذلك من طرف (تارد و دوركايم ؛جولي؛الكاساني)،دون إغفال إنريكوفيري الذي قام قبل ذلك بالإشارة إلى أهمية العامل السوسيولوجي في انتاج وتفسير الظاهرة الإجرامية.
3.البيولوجيا الجنائية: لا يمكن إنكار أن أولى الخصوصيات التي تميز الظاهرة الإجرامية، وأثار انتباه علماء الإجرام هو الجانب البيولوجي، وقد نتج عن ذلك الإهتمام بالنظرية الشهيرة التي قام بوضع أساسها مؤسس علم الإجرام سيزار لمبرورز، وهي نظرية المجرم بالميلاد حيث اعتبر المجرم شخص غير سوي، لأنه مصاب بشذوذ عضوي أو نفسي، واليوم فإن البيولوجيا الجنائية، وبفضل الافاق العلمية المتجددة باستمرار أصبحت مجالات وآفاق أبحاثها واسعة للغاية.
ولهذا السبب يعتقد بعض الباحثون، وهم يؤيدون في ذلك الخلط الذي أرساه Greef de بأن علم الإجرام لا يوجد كعلم في ذاته، أو الفقيه Sellin الذي يؤكد مقولة " بأن علم الإجرام يشبه ملك بدون مملكة" ، كإشارة واضحة منه إلة خاصية انعدام موضوع خاص بعلم الإجرام وافتقاده إلى مجال خاص به.
إن الدراسات الإجرامية عرفت تطورا كبيرا منذ أن وضع لمبروزو نظرية المجرم بالميلاد والتي جعلت علم الإجرام يتقاطع مع عدة علوم كعلم النفس وعلم البيولوجيا وعلم الإجتماع مما أدى إلى القول بأن علم الإجرام لا يستحق صفة علم ، واستند في هذا الإتجاه على مجموعة من الحجج:
- 1 -لا تتميز الدراسات الإجرامية بالإستقلال والذاتية، وتتضح مظاهر انعدام الإستقلال من خلال الأوجه التالية:
*إن علم الإجرام ليس إلا جزءا من علم آخر. ذلك أن العلوم التي تقوم بدراسة الظاهرة الإجرامية من الزاوية الواقعية هي من صميم اختصاص علم البيولوجيا الجنائية، علم النفس الجنائي،علم االجتماع الجنائي.
* إن المكان الطبيعي للدراسات الإجرامية، هو علم السياسة الجنائية، لأن هذا العلم يهدف إلى تقييم درجة فعالية وكفاءة القاعدة القانونية من أجل منع الجريمة..
* وهناك من يعتقد أن علم الإجرام ليس إلا جزءا من علوم أخرى، مثل الطب الشرعي، وعلم الأمراض النفسية والعقلية والإجتماعية العلمية الصرفة.
* يطلق أنصار التشكيك في الصفة العلمية، مصطلحات للتعبير عن الحقيقة التي يؤمنون بها، فعلم الإجرام ليس في نهاية المطاف إلا دائرة معارف، أو تلك الدراسات المتكاملة للإنسان، أو علم علوم الإنسان أو دراسات حول شخصية المجرم.
نقد هذا الإتجاه: إن التشكيك في ذاتية واستقلال علم الإجرام لا يقوم على أساس منطقي، ذلك أن اعتماد علم الإجرام على المعطيات التي يتوصل لها علم آخر أو كونه يستعين بأبحاث ونتائج يتم التوصل لها في نطاق علوم أخرى لا يعني أنه ليس علما.
إن هذا الوضع الذي يتميز به علم الإجرام ليس حكرا عليه بمفرده لأن الوضع الطبيعي لكافة العلوم الإنسانية.
وأصبح الوقت الراهن التعاون بين العلوم حقيقة علمية، إذ يعتبر من باب المستحيلات فصل علم ما عن باقي العلوم الأخرى، لأن متطلبات البحث العلمي تستلزم إقامة صلات وتعاون وثيق بين مختلف فروع العلوم.فهذا لا يعني فقدان هذه العلوم للإستقلالية والذاتية.
فالأبحاث البيولوجية تعتمد على النتائج التي تقدمها لها علوم الكيمياء، ولم يقل أحد بانتفاء صفة علم عن البيولوجيا.
وهذا هو بالطبع وضع علم اإلجرام الذي يحاول تحديد والكشف عن أسباب ارتكاب الجريمة، وبالتالي تحديد كخلاصة مجمل القوانين التي تحكم ها. ومن الواضح أن علم الإجرام لا يقتسم كما لا يشترك في اهتماماته العلمية هذه مع غيره من العلوم الجنائية ولا مع غيره من العلوم غير الجنائية الأخرى.
*2 -يضيف أنصار التشكيك حجة أخرى لنفي صفة العلم عن علم اإلجرام:
رغم أن لعلم الإجرام عمر يناهز القرنين، فإن هذه الدراسات ظلت مع ذلك تتميز بالعجز الفادح في التوصل إلى تحديد دقيق للقوانين التي تحكم الظاهرة الإجرامية وبالتالي تفسيرها وفهمها فهما صحيحا، الأمر الذي يجعل من الدراسات الإجرامية مجرد فروض لم تصل بعد إلى درجة كافية لتقديم الحلول أو لنقل أنها مجرد مجموعة التساؤلات لم تجد لها
تفسيرا أو جوابا مقنعا.
فرغم كل النقد الحاصل في الدراسات الإجرامية، فإنه لم يتم التوصل إلى حلول كفيلة بالقضاء على الجريمة بطريقة علمية فعالة، او على الأقل الحد من هذه الظاهرة التي لا تزداد عكس ما يمكن تصوره إلا تفاقما.
وهذا يعني أن علم الإجرام لا زال في بداية مسيرته العلمية، وبناءا عليه فمن السابقلأوانه إضفاء صفة العلم عليه.
نقد هذا الإتجاه: إن عدم الإعتراف بصفة العلم لعلم الإجرام تأسيسا إلى عدم قدرته على تقديم حلول ناجعة للقضاء أو الحد من الجريمة هو قول مخالف للواقع والحقائق العلمية. فكم من علم عاجز عن إيجاد حلول لمشكلات وظواهر عديدة، فلماذا لا يقال أن علم اجتماع الإنحراف عاجز عن تقديم حلول لمشكل الإنحراف والذي تمثل الجريمة إحدى صوره أو جوانبه. كما أن علم الطب عاجز عن تقديم حلول لمجموعة من الأمراض المستعصية، وهذا العجز لا ينفي عنه صفة العلم.
إن الوجود العلمي لأي علم لا يرتبط بالضرورة تحقيق نتائج حاسمة، فالعلم في مسيرة تطوره يرتكز في تصحيح معطياته على كم الأبحاث ونوعيتها.وهو في سبيل تحقيق ذلك لا بد من مدة زمنية كافية لتطوير الأبحاث العلمية كما ونوعا.
أما فيما يتعلق بالنتائج العلمية في إطار العلوم الإنسانية، ومن بينها للدراسات الإجرامية هي نتائج تقريبية ولن تكون نتائج مطلقة أبدا، وبالتالي فإن كل ما يتوصل إليه علم الإجرام لن تكون إلا مجرد نتائج تقريبية ولن تكون قاطعة لدرجة معالجة فعالة لمرض اجتماعي كالجريمة.
أما مسألة القضاء على الجريمة أو الحد منها، فإن علم الإجرام لا يتولى ذلك، بل هو فقط يدرس أسباب وعوامل نشوء الجريمة، أما مسألة محاربتها فيرجع إلى السياسة الجنائية، فهؤلاء لا يستطيعون التمييز بين موضوع علم الإجرام وما ليس كذلك، فبالأحرى مناقشة طبيعته العلمية.
فعلم الإجرام لا يعتبر بناءا على التحديد أعلاه جزءا من السياسة الجنائية والعكس غير صحيح، فكيف يستقيم القول بأن الأول جزء من الثاني.
3 -يعتبر علم الإجرام حسب أنصار التشكيك في طبيعته العلمية من ضمن العلوم التي تصنف في خانة العلوم التطبيقية، والخاصية التي تميز العلوم التطبيقية على حد اعتقاد أنصار هذا الإتجاه هو أن هذه العلوم تنتهي عند بدايتها، أي بمجرد تطبيقها وإن كانت هذه الحقيقة تدل على شيء فإنها تدل أن علم الإجرام ليس علما بالمفهوم الدقيق.
نقد هذا الإتجاه: لا بد في البداية من تسجيل حقيقة متفق عليها، هي أنه ليس من الضروري لإضفاء صفة علم على علم ما أن لا تكون لدراساته وأبحاثه جوانب تطبيقية، وأن يكون فقط مجرد ترف نظري، بل العكس إن هذا الشق التطبيقي هو الذي يؤكد ضرورة وأهمية وجدوى علم ما، وغياب الجوانب التطبيقية يفقد العلم علة وجوده.
وبهذا فعلم الإجرام ليس علما تطبيقيا خالصا، فدوره يقتصر على تحديد والكشف عن القوانين التي تحكم الظاهرة الإجرامية، ومن تم فهم دوافعها من خالل النتائج العلمية التي يتوصل إليها، وهذا هو الذي يشكل الجوانب التطبيقية لكن في إطار علم آخر هو السياسة الجنائية وليس علم الإجرام.
ومن الحقائق التي قدمها علم الإجرام لترميم وإصالح قواعد القانون الجنائي: إدخال فكرة التدابير الإحترازية، وكذا تفريد العقوبة، وقواعد الأهلية الجنائية، وفكرة الخطورة الإجرامية ووسائل مواجهتها... وبناءا عليه ليس تم ما يمنع من التأكيد على الصفة العلمية للدراسات الإجرامية في إطارعلم الإجرام ألنها تتضمن شقا تطبيقيا.
4 -هناك من يقول بأنه لإمكانية اعتبار علم الإجرام علما بالمفهوم الصحيح، فإنه يجب بالضرورة أن يستجمع شروط معينة:
إذا كانت الظاهرة الإجرامية هي المحور الرئيسي لإهتمامات علم الإجرام، فإن دراستها يجب بالضرورة أيضا أن تستوفي شروط الدراسة العلمية ألية ظاهرة وأهمها هي أن تتصف بالثبات والعمومية. ولأن هذه الظاهرة نسبية وغير مطلقة فهي غير ثابتة مما يستحيل معه القيام بالتجربة وإعادة التجربة في نفس الظروف الأولى. وبالتالي عدم التحديد الدقيق للقوانين العامة التي من شأنها تفسير الظاهرة الإجرامية وهذا يسقط أيضا عن علم الإجرام صفة العلم.
نقد هذا الإتجاه: القول بأن علم الإجرام ليس علما لأنه عاجز عن التوصل إلى الكشف عن قوانين عامة تحكم الظاهرة الإجرامية وذلك بسبب عدم عمومية وثبات هذه الأخيرة، فيه تجاهل لحقيقة علم الإجرام. كما يبرز تشدد غير مبرر لتحديد مدلول العلم، ويبدو جانب التشدد هذا من زاوية تعريف علماء الفلسفة والمنطق للعلم بأنه كل معرفة جمعت بفعل إتباع المنهج العلمي.
ففي نطاق أي علم، وعلى غرار ما هو معمول به في علم الإجرام، يجب إتباع خطوات محددة:
أولا: وضع فرضية معينة كمحاولة أولية للتوصل إلى بعض الحقائق؛
ثانيا:المرور إلى مرحلة اختبار مدى صحة وصواب هذا الفرض وذلك عن طريق دراسة الظاهرة،تحليلها، مقارنة النتائج،وتصنيفها؛
ثالثا: التعميم الذي قد يتوصل إليه الباحث، ثم في المرحلة الأخيرة، نتوصل إلى نتائج أخيرة وهي تقود إما نحو تأكيد الفرضية المطروحة وبالتالي قبولها كتفسير للظاهرة، وإما تعديلها أو رفضها واستبعادها حالة تعارضها مع الفرضية المطروحة.
إذن على ضوء هذه الحقائق،والإنتقادات العلمية الموجهة لمجمل أفكار أنصار إنكار الطبيعة العلمية لعلم الإجرام، لا يتوجب علينا اليوم وكيفما كانت طبيعة أو حجم الإنتقادات لموجهة لعلم الإجرام إلا اعتبار هذا الأخير كعلم حقيقي قائم بذاته وأساليب بحثه العلمية وبالتالي فهو مستقل عن العلوم الأخرى.
الفرع الثاني: علاقة علم الإجرام بالعلوم الجنائية الأخرى:
المبحث الأول: علاقة علم الإجرام بالقانون الجنائي:
إن مشكل التميز بين علم الإجرام والقانون الجنائي، يعتبر أقدم مشكل ارتبط بميلاد علم الإجرام نفسه، ورغم القدم الزمني للإشكالية فإنها لا زالت تحتفظ إلى يومنا هذا بأهميتها العلمية والعملية.
فهناك اتجاه يؤمن بأن القانون الجنائي لا يوجد كعلم مستقل بذاته وأنه مجرد تفرع لعلم الإجرام، واتجاه آخر يدافع عن استقلال القانون الجنائي.
وهذه الإتجاهات كانت غير قابلة للمصالحة أو أي اتفاق نسبي وذلك بالنظر لحجم الإختلاف، لكن مع تطور الأبحاث العلمية والتراكم المعرفي، فإن طريقة طرح الإشكالية تطورت عما كانت عليه منذ نهاية القرن التاسع عشر.
وبناءا عليه فإن لا أحد بإمكانه اليوم إنكار أن هناك اختلافات جوهرية بين علم الإجرام والقانون الجنائي، وفي نفس الوقت الإتفاق وقبول على أن بينهما روابط معينة:
-اختلافات علم الإجرام عن القانون الجنائي: من أولى النقاط التي يجب إقصاؤها ونحن بصدد تمييز علم الإجرام عن القانون الجنائي هي أن القانون الجنائي ليس أحد فصول علم الإجرام ومتفرعا عنه.
فإذا كانا يدرسان نفس الموضوع( الفعل الإجرامي،الجريمة) فإن كل واحد منهما يدرس الظاهرة الإجرامية من زاوية مختلفة عن الاخر.
فإذا كان علم الإجرام علما يهتم أساسا بالبحث في أسباب الظاهرة الإجرامية وتحديدها من خلال دراسة الظروف المحيطة بارتكاب ونشوء الظاهرة الإجرامية، فإن القانون الجنائي مجموعة من القواعد التي تتمتع بالإلزام والجزاء الجنائي لمواجهة كل الأفعال الإيجابية والسلبية التي من شأنها الإضرار بالمجتمع، وذلك بتحديد أنواع الجرائم وعناصرها القانونية والعقوبات اللازمة لكل منها بطريقة موضوعية.
على ضوء هذا التعريف، نستنتج بأن القانون الجنائي هو علم قاعدي ويطغى عليه الطابع المعياري، والذي يندرج بموجبه ضمن قواعد السلوك التي تتمحور اهتماماتها أساسا على تحديد القيم الإجتماعية التي يتعين حمايتها من كل اعتداء.وبالتالي فإن غايته النهائية هي البحث عما يجب أن يكون عليه سلوك الفرد من خلال الخطاب الذي تحمله القاعدة القانونية الجنائية.
أما علم الإجرام فهو علم واقعي، بحيث تصبح بناءا عليه غايته هي فهم وتحليل ما هو كائن.مما ينتج عن ذلك بالضرورة اختلاف في مناهج الدراسة المتبعة في نطاق علم إلإجرام والقانون الجنائي، ففي الوقت الذي يستعمل فيه القانون الجنائي المناهج المميزة للعلوم القانونية والتركيب النظري للمعطيات والخلاصات
فإن علم الإجرام يستعمل مناهج إمبريقية والتي تميز العلوم الإجتماعية، ومن خلال تكييفها مع خصوصيات الظاهرة الإجرامية بسبب شدة تعقيدها كظاهرة إنسانية.
أ-مظاهر تأثير القانون الجنائي على علم الإجرام: يقوم القانون الجنائي بمد علم الإجرام بالإطار العام لأبحاثه ودراساته العلمية عن طريق وضع تعريف للجريمة والمجرم، لأنه كما هو معروف أن الإتجاه الغالب هو الإعتداد بالتعريف القانوني للجريمة والمجرم.
كما أن الإحصاء الذي يمد علم الإجرام بالمعطيات الرقمية التي تشكل المادة الإنسانية الخام للباحث في حقل علم الإجرام، فإن ذلك يأتي عن طريق التطبيق الفعلي لنصوص القانون الجنائي من طرف العدالة الجنائية حتى يتسنى لعلم الإجرام قياس حجم وحركية الجريمة وأنماط المجرمين في الزمان والمكان.
ب-تأثير علم الإجرام على القانون الجنائي: يمكن رصد مظاهر تأثير علم الإجرام على القانون الجنائي:
*إن المشرع وهو في سبيل صياغته للقاعدة القانونية، فإنه لا يمكن بأي حال من الأحوال االقيام بتلك الصياغة بمعزل عن خلاصات ونظريات علم الإجرام، والتي تعتبر بمثابة المبرر العلمي الذي يدفع المشرع الجنائي إلى إدخال ترميمات وإصلاحات قانونية أي تعديل وإلغاء عقوبات جديدة أو إضافتها.خاصة ما يتعلق بتصنيف المجرمين وأوجه المعاملة
العقابية. كما كان تأثير علم الإجرام على القانون الجنائي من خلال أخد هذا الأخير بالتدابير الإحترازية والنص على عقوبات تراعي شخصية المجرم والظروف الخاصة به أكثر من النظر إلى الفعل الإجرامي.
وبخصوص الأحداث الجانحين، فقد تم فرض عقوبات خاصة يستبعد فيها الطابع العقابي لفائدة التقويم والإصالح كالإيداع بالمؤسسات التي أنشأت لهذا الغرض، كما تم من جهة أخرى وتحقيقا لنفس الغايات تحديد سن الرشد الجنائي من طرف جميع مشرعي العالم.
إذا كان القانون الجنائي يهدف إلى محاربة الجريمة، فإن ذلك لن يتحقق إلا بمعرفة علمية ويقينية التي يمنحها ويوفرها علم الإجرام.
يتبع ........
تلخيص ممتاز لمادة علم الإجرام ( الجزء الأول) تعريف علم الإجرام
تلخيص ممتاز لمادة علم الإجرام ( الجزء الثاني ) "مفهوم الجريمة و المجرم "
نظرا لطول الموضوع و للإلمام بكافة الجوانب المتعلقة بمادة علم الإجرام كان لا بد لنا من تقسيم الموضوع الى أجزاء
أو يمكنكم تحميل الملخص كاملا من هنا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق