إسهام القضاء المغربي
في إرساء دعائم الأمن الاجتماعي في مجال الأسرة
ورقة من إعداد:
محمد الخضراوي
مستشار بمحكمة النقض المغربية
رئيس قسم التوثيق والدراسات والبحث العلمي
بمناسبة
المؤتمر الرابع لرؤساء المحاكم العليا العربية بدولة قطر
24-26 شتنبر 2013
مقدمة:
لا شك أن التطورات المتسارعة التي يعرفها العالم سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا، رفعت من سقف التحديات الموضوعة أمام الدول وأدت إلى ظهور مفاهيم جديدة غيرت من هيكلة بنية المجتمعات وطبيعة العلاقات وحتى في وظائف الدولة وأفرزت قيما جديدة اضطرت المؤسسة التشريعية إلى مواكبتها بإصدار نصوص قانونية جديدة أو الانخراط في اتفاقيات دولية.
لكن الثابت أن هذه النصوص بحكم صيرورة التغيير وحتميته تتآكل وتقف دائما عاجزة عن الإحاطة بكافة النوازل والأقضية، لأنها تبقى من صنع البشر ولأنها تتناهى باعتبار عددها والوقائع لا تتناهى من حيث دلالاتها، فيبقى الملاذ هو القضاء لتدبر هذه الوقائع اللامتناهية والاجتهاد في إيجاد حلول لها. وهو ما يعبر عنه بالدور الخلاق للقضاء، إنه دور القضاء في إخضاع القانون لسنة التطور.
ولعل أهم مجال يمكن أن نرصد فيه هذا الدور الجديد للمؤسسة القضائية هو القضاء الأسري على اعتبار محورية الأسرة في أي مشروع لبناء مجتمع ديمقراطي وترسيخ قيم المواطنة والأمن والحرية والمساواة. حيث إن استتباب الأمن المجتمعي رهين بضبط العلاقات الأسرية في إطار يصون للجميع حقوقه وكرامته ويحدد له واجباته والتزاماته.
وفي المغرب يشكل هذا الموضوع محورا أساسيا وهدفا رئيسيا تضمنته مختلف الأوراش التنموية الكبرى التي انخرطت فيها البلاد وكرسه دستور 2011 بشكل واضح وجعل السلطة القضائية مسؤولة عن تنزيله من خلال التزامها بضمان وحماية حقوق وحريات الأفراد والجماعات وأمنهم القضائي ومنه الأمن الأسري.
وقد استطاع القضاء المغربي فعلا خلال السنوات الأخيرة مواكبة كافة هاته التحولات القانونية والاجتماعية والثقافية وأصدر مجموعة من القرارات المبدئية الهامة التي تحمل نفحة حقوقية ومقاربة حمائية للأسرة المغربية بكافة مكوناتها مستعينا في ذلك بترسانة قانونية عصرية وبمرجعية اجتهادية وقراءة مقاصدية للنصوص ونظر في المآلات.
وسأحاول في هذه الورقة إبراز مساهمة هذا القضاء في تحقيق الأمن الاجتماعي الأسري من خلال محورين رئيسيين:
تحميل الورقة من هناpdf
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق