الطعن في قرارات المحافظ على الأملاك العقارية بين اختصاص المحاكم الإدارية والعادية
ان المشرع المغربي اختار نظام المسطرة الإدارية للتحفيظ العقاري خلافا لما هو عليه الحال في بعض الدول التي جعلت هاته المسطرة قضائية من بدايتها إلى نهايتها وانشات لهذا الغرض محكمة سمتها المحكمة العقارية كما هو عليه الحال في تونس[1].
وباختيار المشرع المغربي لنظام المسطرة الإدارية للتحفيظ العقاري انشا محافظة عقارية في كل دائرة محكمة ابتدائية تقريبا أو كل عمالة حاليا وجعل على راس هاته المحافظات موظفا ساميا اطلق عليه اسم المحافظ على الملكية العقارية هذا الأخير يخضع تسلسليا في مجال عمله لموظف اكبر سموا هو المحافظ العام على الأملاك العقارية الذي يوجد مقره بالعاصمة الإدارية الرباط.
وانه لا جدال في كون هؤلاء جميعا يعتبرون موظفين عموميين مادام ان الفصل3 من القرار الوزيري المتعلق بتعيين نظام مصلحة المحافظة على الأملاك العقارية يشير إلى ان الدولة تعين المحافظين على الأملاك العقارية وتجري عليهم الضوابط الجارية على موظفي ادارات الدولة فيما يتعلق بحالتهم ورواتبهم وتعويضاتهم وترقيمهم وتأديبهم مع التزامهم باداء اليمين على انهم سيقومون بوظيفتهم بصدق وامان قبل مباشرتهم لمهامهم، وقد حدد الفصل 4 من القرار الوزاري المذكور المهام التي يقومون بها في اطار وظيفتهم الاصلية والتي تتجلى اهمها في تحفيظ العقارات وتسجيل الحقوق المتعلقة بها وما يتعلق بها من إجراءات.
ونظرا لخطورة هذه المهام اوجب المشرع على المحافظ تقديم ضمان لمسؤوليته يتمثل في بناءات عقارية مشيدة في المدن المغربية ومحفظة، أو أوراق مالية على ملك الغير بشرط ان تكون تحت تصرفه.
ونعتقد ان هذه المسطرة لم يعد معمولا بها حاليا بعد ان استبدلها المشرع ضمنيا بطريقة اختيار المحافظ الذي يشترط فيه طبقا للمرسوم الملكي المؤرخ في 9 مارس1967 بشان النظام الاساسي الخاص بموظفي وزارة الفلاحة والاصلاح الزراعي ان يكون من خريجي السلك العالي المدرسة الوطنية للادارة العمومية أو حاصلا على دبلوم الدراسات العليا في القانون أو شهادة تعادلها، أو ان يكون من بين مراقبي المحافظة على الأملاك العقارية وقضى 20 سنة من العمل. اضافة إلى ما يمكن ان يتحمله المحافظ شخصيا من مسؤولية مدنية وحتى جنائية وما تتحمله الدولة متى حلت محله طبقا للقواعد العامة في المسؤولية الإدارية.
وعليه فاذا كانت مسطرة التحفيظ مسطرة ادارية، واذا كان المحافظ على الأملاك العقارية موظفا عموميا فان جميع القرارات التي يتخذها في اطار هاته المسطرة تعتبر قرارات إدارية مادام انه تصدر عن جهة إدارية بما لها من سلطة في تنفيذ القوانين والانظمة وتؤثر في المراكز القانونية للمتعاملين مع المحافظة التي يرأسونها.
وهذه القرارات لا تخرج عن اطار القرارات التي يمكن ان يتخذها كل مسؤول إداري بمناسبة تسيير إدارته بحكم وظيفته وهي اما قرارات تتعلق بالموظفين العاملين تحت امرته واما قرارات تتعلق بمهمة التحفيظ وتسجيل الحقوق.
وسنتناول في هذا العرض القرارات التي يتخذها المحافظ على الأملاك العقارية بمناسبة ممارسته لمهامه في اطار التحفيظ العقاري ما دام ان هاته العقارات هي المعنية بالاشكالية المتعلقة بتنازع الاختصاص بين المحاكم الإدارية والعادية. مما نرى معه ان المحافظ على الملكية العقارية يخضع للرقابة القضائية في كل ما يتخذه من قرارات في هذا الاطار سواء أكان الاختصاص يعود للمحاكم العادية أو للمحاكم الإدارية وسنحاول تحديد القرارات التي تخضع لرقابة المحاكم العادية ثم نعطي بعض الامثلة عن القرارات التي تخضع لرقابة المحاكم الإدارية.
أولا : القرارات التي تختص بالنظر في النزاعات الناشئة عنها المحاكم العادية :
ان المحافظ على الأملاك العقارية وان كان يعتبر موظفا عموميا فانه بالنظر إلى التصاق عمله بالملكية العقارية وصيانتها والحفاظ عليه بالتسجيل والتحديد وترسيم الخرائط وضمان الحقوق المكتسبة عليها، ترك له المشرع المغربي من خلال الفصول القانونية المتعلقة بالتحفيظ العقاري سلطة واسعة في اطار هاته المسطرة ما دام ان له دراسة الطلبات المقدمة إليه وفحص الحجج المدلى بها ليتخذ بعد ذلك قراره في الموضوع على ضوء تلك الوثائق،
وانه منذ بداية تطبيق نظام التحفيظ في المغرب اسند القانون في بعض فصوله للمحاكم العادية صلاحية النظر في الطعون التي ترفع ضد بعض القرارات التي يتخذها المحافظ على الأملاك العقارية في هذا المجال.
ولعل المشرع انذاك وباعتباره مشرعا فرنسيا كان متأثرا بالنظرة السائدة حول كل من القضاء الإداري والعادي بفرنسا ومطبقا لما كان يروج بالديار الفرنسية من ان القضاء العادي هو حصن الحريات الفردية وحامل الملكية الخاصة.
وانه بعد انشاء المحاكم الإدارية بالمغرب والتي تختلف نشاتها تمام الاختلاف عن انشاء القضاء الإداري في فرنسا، اصبحت مختصة بالنظر في مجموعة من الطعون الموجهة ضد القرارات الادارية، وانه حتى في نوازل اخرى مشابهة اعتمدت المحكمة الإدارية بوجدة معيارا للاختصاص يتمثل في مدى وجود نص خاص يسند لجهة قضائية معينة النظر في المنازعة الناشئة عن تطبيق هذا النص، فاذا ما وجد بقيت تلك الجهة مختصة ولو كانت جهة قضائية عادية والامر يتعلق بمنازعة إدارية كما هو الحال في نوازل الانتخابات وكذا طلب التعويض عن الحوادث المدرسية[2].
ونعتقد ان هذا الحل يطبق ايضا على الطعون المتعلقة بقرارات المحافظة على الأملاك العقارية. اذ ان هذا الأخير ورغم انه موظف عام وقراراته تعتبر قرارات إدارية نافذة في حد ذاتها ومؤثرة في المراكز القانونية للمعنيين بها فان المشرع ترك الاختصاص للقضاء العادي قصد مراقبتها بصفة استثنائية، ومعلوم ان الاستثناء لا يتوسع في تفسيره ولهذا وجب التمسك بحرفية النصوص التي تعطي الاختصاص للمحاكم العادية دون التوسع في ذلك مما يجب تحديد قرارات المحافظة على الأملاك العقارية التي يجوز الطعن فيها أمام المحاكم العادية حصرا، وترك باقي القرارات الاخرى للمحاكم الإدارية باعتبارها صاحبة الولاية العامة في هذا الاطار.
ونظرا لاهمية هاته القرارات في الحياة العملية فاننا نورد اهمها :
1-قرار رفض التحفيظ :
ينص الفصل العاشر من القرار الوزيري في 03/06/1915 ـ 20 رجب 1333 المعدل بتاريخ 08/12/1942 انه في حالة ما إذا رفض المحافظ ان يحفظ العقار كلا أو بعضا فان قراره يكون قابلا للطعن القضائي أمام المحكمة الإقليمية التي حلت محلها بمقتضى اصلاح 1974 المحكمة الابتدائية.
ومعلوم ان الفصل 38 من ظهير التحفيظ العقاري اشترط ان يكون رفض التحفيظ مبنيا على عدم كفاية الحجج واما بمقتضى الحكم الصادر بشان التعرضات، لا على اسباب اخرى وهو ما ذهب إليه المجلس الأعلى في قرار عدد :1424 بتاريخ 09/10/1997 في الملف الإداري 1240/5/01/97 حينما اعتبر عدم تسجيل جزء من العقار المطلوب تحفيظه في اطار الفصل 31 من ظهير التحفيظ العقاري نظرا لخلوه من التعرضات قرارا إداريا يخضع لاختصاص المحاكم الادارية.
2-قرار رفض التسجيل أو التشطيب
طبقا لاحكام الفصل 96 من ظهير التحفيظ المذكور فانه متى رفض المحافظ تسجيل حق عيني أو التشطيب عليه من السجلات العقارية. وجب ان يصدر ذلك بقرار معلل وان هذا القرار قابل للطعن أمام المحاكم الابتدائية، وهذا الاختصاص مشروط بدوره بعدم صحة الطلب أو بعدم كفاية الرسوم وانه متى تعلق الامر بسبب اخر اصبح الاختصاص منعقدا للقضاء الإداري وهذا ما ذهب إليه المجلس الأعلى في عدة قرارات منها القرار عدد: 244 الصادر بتاريخ 08/08/1980 الذي جاء في احدى حيثياته " ان اختصاص المحكمة الابتدائية المنصوص عليه في 96 ينحصر في حالتين، وهما حالة ما إذا كان رفض المحافظ مبررا بعدم صحة الطلب أو بعدم كفاية الرسوم ولا ينطبق في باقي الاحوال حيث ينبغي فيها الرجوع إلى القاعدة العامة المذكور في الفصل 353 من قانون المسطرة المدنية وهي اختصاص المجلس الاعلى[3] وقد اكد ذلك في عدة قرارات اخرى احداث المحاكم الادارية.
3- قرار المحافظ باعتبار التعرض لاغيا لعدم تقديم الوثائق والرسوم :
ان الفصل 32 من ظهير التحفيظ العقاري ينص على انه في حالة ما إذا اعتبر المحافظ التعرض ملغى بسبب عدم تقديم المتعرضين للرسوم والوثائق يكون قراره قابلا للاستئناف أمام المحكمة الإقليمية وتبث هذه بصفة نهائية.
4- القرار المنصوص عليه في الفصل 23 من القرار الوزيري المؤرخ في : 03/06/1915 :
ان المحافظ على الأملاك العقارية يمكنه طبقا للفصل 23 المذكور ان يقيم عند الاقتضاء وفي أي وقت كان رسما عقاريا لا ينص على الحقوق العينية العقارية التي ما تزال موجودة بالفعل على العقار المعني بالامر مع الإشارة في الطلب إلى البيان الغير المفيد المطلوب حذفها في الرسم الجديد.
5- القرار المنصوص عليه في الفصل 103 من ظهير التحفيظ :
ينص الفصل 103 المذكور على انه إذا وقع تعرض على تسليم نسخة من الرسم أو شهادة التسجيل المتحدث عنها في الفصلين 101 و102 أو رأى المحافظ انه لا داعي لتلبية الطلب المقدم يمكن للطالب ان يرفع الامر إلى المحكمة الإقليمية وقد اصدرت المحكمة الإدارية بفاس حكما في هذا الاتجاه يحمل رقم16 غ/94 بتاريخ22/09/1994 قضت فيه بعدم الاختصاص.�6��الق�ار�ت التي يتخذها المحافظ في اطار الفصلين 29 و30 من القرار الوزيري المذكور
والرامية إلى تصحيح الاغفالات والاخطاء في الرسم العقاري، اذ يمكن الطعن في قرارات رفض المحافظ القيام بالتصحيح أو في قرارات القيام بالتصحيح أمام المحكمة التي تنظر في غرفة المشورة، علما بأنه وان كان الفصل 30 ينكر المحكمة دون ان يشير إلى ما إذا كانت محكمة عادية أو إدارية فان السياق الذي وضعت فيه هاته النصوص تعني المحكمة العادية.
ثانيا : القرارات التي تختص بها المحاكم الإدارية :
انه باستثناء الحالات التي يعطي فيها المشرع صراحة الاختصاص بالنظر في الطعون الموجهة ضد قرارات المحافظ على الأملاك العقارية والمذكورة بعضها سابقا يعود الاختصاص إلى اصله وهو القضاء الإداري.
ومعلوم ان المحاكم الإدارية وكذا الغرفة الإدارية بالمجلس الاعلى تمثل هاته الجهة لا تكون هي صاحبة الولاية العامة بالنظر في القرارات التي يتخذها المحافظ على الأملاك العقارية باعتباره موظفا عاما يتخذه المحافظ على الأملاك العقارية غير تلك المذكورة سابقا يراقب سلامتها القضاء الإداري وفق شكليات دعوى الالغاء وفي نطاق القانون رقم 90/41 المحدث للمحاكم الإدارية.
ويصعب حصر القرارات الإدارية التي يمكن ان يصدرها المحافظ العقاري والتي تختص بالنظر في النزاعات الناشئة عنها المحاكم الإدارية، الا انه يمكن اعطاء بعض الامثلة لهاته القرارات واهمها :
1- قرار التحفيظ العقاري :
إذا كان الطعن في قرار رفض تحفيظ العقار بسبب عدم صحة الطلب أو عدم كفاية الرسوم يخضع لاختصاص المحاكم العادية فان اتخاذ المحافظ لقرار التحفيظ لم يحدد له المشرع في قانون التحفيظ جهة قضائية معينة لمراقبته مما يبقى القضاء الإداري مختصا بالنظر في هذا القرار.
ومعلوم ان المحافظ يملك سلطة تسجيل العقار بالسجل العقاري إذا ثبت لديه ان الكل صحيح وانه لم يقع أي تعرض[4] أو ان طالب التحفيظ أزال التعرضات التي وقعت أو صدر حكم نهائي برفض التعرضات مما يعني ان المحافظ يتخذ قرارا اداريا نهائيا ومؤثرا في المراكز القانونية الشيء الذي تنطبق عليه مقومات القرار الإداري . لكن ما موقف القضاء الإداري من قرار التحفيظ ذلك، انه إذا ما قررنا ان قرار التحفيظ هو قرار قابل للطعن امان المحاكم الإدارية فهل يحق لهاته الاخيرة ان تلغي قرار التحفيظ ؟ علما بان ذلك يتضمن تلقائيا الغاء الرسم العقاري الذي يعطيه الفصلان 2 و62 من ظهير التحفيظ الصفة النهائية والذي يكشف نقطة الانطلاق الوحيدة للحقوق العينية والتكاليف العقارية الناشئة على العقار.
واذا ما فتحنا المجال للمحاكم الإدارية قصد مراقبة قرار التحفيظ أليس من شان ذلك التشكك في مصداقية الرسم العقاري ؟
ان هذا التساؤل يبقى مطروحا، لكننا نعتقد ان قرارات المحافظ بالتحفيظ تبقى قابلة للطعن القضائي ولم لم ينص على ذلك صراحة ما دام انه لا يجوز دستوريا تحصين أي عمل إداري من الرقابة القضائية، بل وقد ذهب الفقه إلى قبول الطعن بالالغاء ولو نص المشرع صراحة على عدم قبول القرار الإداري لاي طعن كما هو الحال في ظهير : 27/04/1919 المتعلق بالاراضي الجماعية. ذلك ان المجلس الأعلى والمحاكم الإدارية قبلا الطعن في قرارات مجلس الوصاية على الجماعات الاصلية رغم كون الفصل 12 من الظهير المذكور المعدل بظهير 06/02/1963 ينص على ان مقررات مجلس الوصاية تكون مدعمة باسباب وغير قابلة لاي طعن [5]، اضافة إلى ان مجلس الدولة الفرنسي قبل طعن في قرار ينص القانون الذي صدر بناءا عليه على عدم قابليته لاي طعن سواء أمام المحاكم المدنية أو الإدارية[6].
ولقد تشكك البعض في مدى دستورية الفصل 62 من قانون التحفيظ العقاري موضحا بان هذا الفصل الشاذ منح المحافظ العقاري سلطة مطلقة لا يعترف الدستور نفسه لاية مؤسسة قانونية بمثل هذا الاطلاق حتى في حالة الاستثناء[7].
واذا كان قرار المحافظ بالتحفيظ يرتب جزاء يتمثل في تحمل المحافظ للمسؤولية عن اخطائه الشخصية، فان هناك بعض الحالات التي لا تؤدي إلى نفس النتيجة ولا تجعل للرسم العقاري اية حجية وذلك كأن يقوم المحافظ بإنشاء رسم عقاري لعقار لا تطاله مقتضيات التطهير المتعلقة بالرسم العقاري كالعقارات المملوكة للدولة أو الاحباس ويمكن ان تقاس بعض الحالات على ذلك كأن يامر المحافظ بتحفيظ عقار وليس هو موضوع المسطرة الإدارية للتحديد أو ان يكون التواطؤ قد وصل مرحلة القصد الجنائي، ففي هاته الحالات نعتقد ان القضاء الإداري بما له من سلطة في مراقبة الشرعية ان يامر بالغاء القرار الإداري بتحفيظ الملك العقاري وما ترتب عن ذلك من رسم عقاري. وهذا لا يمنع من القول وكما ذهب إلى ذلك بعض الفقه بان محافظ الملكية العقارية يتمتع بسلطة مطلقة ويقرر بصفة انتهائية من غير أي تعليل لقراراته المتعلقة بإنشاء رسم عقاري وان قراراته في هذا الاطار تشبه قرارات المجلس الأعلى، الا انها مع ذلك تبقى قرارات إدارية قابلة للطعن بالالغاء[8].
وفي هذا الاطار اصدرت المحكمة الإدارية بفاس حكما يحمل رقم 1027/97 في الملف الاداري رقم 10/97 غ قضت فيه باختصاصها للنظر في القرار الصادر عن السيد المحافظ على الأملاك العقارية والمعلن عن انتهاء التحديد لتاسيسه على اجراء باطل وبإلغائه رغم انشاء الرسم العقاري المبني على هذا القرار وقد تم تاييد هذاالحكم بمقتضى قرار الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى تحت رقم 736 بتاريخ 16/07/98 في الملف الاداري عدد :44 و 15/01/98.
كما ان المحكمة الابتدائية بوجدة قضت في حكمها عدد : 1464/93 بتاريخ 04/05/93 في الملف رقم 1362/89 بالتشطيب على الرسم العقاري عدد : 53492/02 وارجاع الأطراف إلى الحالة التي كانوا عليها قبل انشائه وذلك قصد استيفاء اليمين في موضوع الملف التنفيذي عدد : 793/86 وتوجيه الامر تبعا لذلك للسيد المحافظ على الأملاك العقارية بوجدة للقيام بالتشطيب المذكور[9]. وفي حكم للمحكمة الادارية بوجدة اقرت اختصاصها بالنظر في قرارات التحفيظ بعد ان اعتبرته قرارا اداريا قابلا للطعن بالالغاء الا انها رفضت الطعن متمسكة بمقتضيات الفصل62 من ظهير التحفيظ[10].
ونحن نرى ان مراقبة قرار التحفيظ العقاري لا يعني بالضرورة فقد الحجية بالنسبة للرسم العقاري متى تم انشاء هذا الرسم بطرق قانونية سليمة [11]، وانه متى احترم المحافظ مسطرة التحفيظ اصبح الرسم الذي اشناه بناء على هاته المسطرة مطهر للعقار من جميع الحقوق، على ان المراقبة لا تمتد إلى ما قد يكون قام به طالب التحفيظ من تدليس أو ما قام به المحافظ من اخطاء عادية يمكن ان تترتب عنها مسؤوليته أو مسؤولية الدولة[12].
2-قرارات رفض التحفيظ أو تسجيل الحقوق رغم صدور احكام نهائية :
قد يطعن في قرارات المحافظ على الأملاك العقارية وتصدر احكام في هاته الطعون، الا انه قد يمتنع عن تنفيذ تلك الاحكام بالتحفيظ أو التسجيل دون عذر مقبول مما يشكل شططا في استعمال السلطة الذي يجعل القضاء الإداري مختصا بمراقبة مدى شرعية تلك القرارات، وقد اصدر المجلس الأعلى قرارا في هذا الاطار يحمل رقم 337 بتاريخ 13/11/1981 في الملف رقم 887/83 [13]، كما اصدرت المحكمة الإدارية بالدار البيضاء حكما في هذا الاتجاه معتبرة ان القرار الإداري الضمني المتخذ من طرف المحافظ على الأملاك العقارية بعدم تنفيذ حكم قضائي حائز لقوة الشي ء المقضي به يتسم بالشطط في استعمال السلطة ويتعين الغاؤه[14].
3- قرارات رفض التعرض إذا لم يؤد المتعرضون الرسوم :
ينص الفصل 32 من ظهير التحفيظ على ان التعرض يعتبر لاغيا إذا لم يؤد المتعرضون الذين لم يحصلوا على المساعدة القضائية أو لم يطلبوها على الاقل الوجيبة القضائية ورسم الدفاع المحددين في الظهير المتعلق بالمصاريف القضائية وذلك في نفس اجل الثلاثة اشهر.
ومعلوم ان الفقرة الأولى من الفصل 32 حددت الجهة القضائية المختصة بالنظر في الطعن المتعلق برفض التعرض المبني على عدم تقديم الرسوم والوثائق المؤدية في حين لم تحدد الفقرة الثانية الجهة القضائية المختصة مما تبقى معه الولاية العامة للمحاكم الإدارية.
وقد يصدر المحافظ على الاملاك العقارية قرارات إدارية اخرى في الطلبات المقدمة إليه من طرف المتعاملين مع المحافظ العقارية يعود الاختصاص بالنظر فيها إلى المحكمة الإدارية كما هو الحال في مسطرة ضم الاراضي[15]. اما القرارات التي يتخذها وكيل الملك في اطار الفصل 29 من ظهير التحفيظ العقاري فاننا نرى انها لا تدخل في اطار العمل القضائي، وانما تدخل في اطار العمل الاداري مما تخضع معه مراقبة هاته القرارات للمحاكم الإدارية مادام ان السيد وكيل الملك قد يتخذ قرارا بفتح اجل جديد للتعرض أو يمتنع عن ذلك[16]...
قائمة المراجع
[1] انظر دارسة ذ. التوفيق المورالي بعنوان : المحكمة العقارية ودور القاضي العقاري المنشور بمجلة القضاء والتشريع التي تصدر عن وزارة العدل بتونس عدد : 7 ص 11 س81.
[2] لقد تناقضت الاجتهادات القضائية في اطار الحوادث المدرسية بين من يرى ان القضاء الاداري هو المختص في مثل هاته المنازعات ما دام ان الامر يتعلق بمسؤولية الدولة عن تسيير مرفق عام هو مرفق التعليم، وبين من يرى انه بعدم تغيير مقتضيات الفصل 85 مكرر من قانون الالتزامات والعقود الذي يعطي الاختصاص صراحة للمحاكم " الابتدائية " والذي يحيل على مقتضياته ظهير 26/10/1942 المتعلق بتعويض الأضرار الناتجة عن الحوادث الطارئة لتلاميذ المدارس العمومية تبقى هاته الاخيرة هي المختصة، وقد صدرت عن المحاكم الإدارية بفاس اعلنت عن اختصاصها للنظر في مثل هذا الطلب كما هو الحال في الحكم الصادر عن إدارية الرباط بتاريخ : 18/08/1997 في الملف رقم :166/96 والحكم الصادر عن إدارية فاس بتاريخ :5/7/1995 في ملف رقم 04/95 في حين اعلنت إدارية وجدة عن عدم اختصاصها في الحكم الصادر عنها بتاريخ 19/1/2000 تحت رقم 45/2000 في الملف رقم :185/99 مسايرة في ذلك اخر قرار للغرفة الإدارية بالمجلس الاعلى التي وان كانت سايرت بداية بعض المحاكم الإدارية في اختصاصها كما هو الحال في القرار عدد :373 الصادر عنها بتاريخ : 30/04/1996 في الملف رقم :1032 والقرار عدد :320 بتاريخ: 16/4/1998 في الملف رقم : 2155/5/1/97 فانها اعلنت في قرار موال لهاته القرارات والصادر بتاريخ 04/06/1998 تحت عدد 591 في الملف رقم 2118/97 عن عدم اختصاص المحاكم الادارية للبت في مثل هاته الدعاوي ملغية حكم ادارية الرباط الذي اعلن عن اختصاص هاته الجهة.
[3] أوردته ذ. امينة جبران البخاري في كتابها دعوى القضاء الشامل ص 305.
[4] ينص الفصل 30 من ظهير 9 رمضان 1331 ( 12/08/1913) بشان التحفيظ العقاري كما وقع تعديله على انه " عند انصرام الآجال المحددة في الفصول السابقة وبعد التحقق من تطبيق جميع المقتضيات الرامية إلى انجاز اشهار المسطرة وكذا انجاز التحديد الصحيح يمكن للمحافظ ان يباشر تسجيل العقار بالسجل العقاري إذا ثبت لديه ان الكل صحيح وانه لم يقع أي تعرض" وانظر ايضا الفصل 31 بعده.
[5] انظر قرار المجلس الأعلى للغرفة الإدارية عدد : 261 الصادر بتاريخ : 18 يناير 1963 الذي أورده ذ. عبد القادر باينة في كتابه تطبيقات القضاء الإداري بالمغرب ص 24 وكذا القرار عدد : 548 بتاريخ 08/04/1966 المنشور بالمجلة المغربية للادارة المحلية والتنمية عدد : 27 ص232 وحكم إدارية اكادير المنشور بنفس المجلة ص225 ثم حكم ادارية وجدة بتاريخ 10/4/1964 في الملف رقم :131/95 وتعليق كل من الاستاذين محمد عنتري المنشور بنفس المجلة عدد : 27 ص 99 ومحمد امين بنعبد الله بالعدد 28 ص125 بالفرنسية".
[6] انظر مداخلة ذ. عبد المجيد بنجلون الوكيل العام للملك السابق لدى المجلس الأعلى في ندوة المحاكم الاداريى المنشورة من طرف المعهد الوطني للدراسات القضائية في كتاب تحت عنوان : المحاكم الإدارية دعامة من دعائم دولة القانون ص 25.
[7] انظر ذ. العربي مياد في تعليقه على الفصل 62 المنشور بجريدة العلم ليوم : 29/10/1994 وكذا التعقيب على هذا المقال المنشور بنفس الجريدة ليوم : 12/11/1994.
[8] انظر تعليق ذ. لحسن صيودا المنشور بجريدة العلم ليوم : 03/12/94 تعقيبا على مقال ذ. عبد القادر اقلعي حول الطعون القضائية في قرارات المحافظ.
[9] حكم منشور بمجلة المناظرة التي تصدر عن نقابة المحامين بوجدة عدد : 2 ص 139.
انظر حكم المحكمة الادارية بوجدة عدد : 218/98 في الملف رقم : 101/98 بتاريخ :23/12/98.[10]
[11] انه لا يخفى على احد الظرفية التي دخل فيها قانون التحفيظ إلى المغرب وما كان يقصد من تطبيقه من فائدة للمعمرين تتجلى اهمهما في استيلاء هؤلاء على ارض المواطنين قهرا أو باسباب واهية مستغلين جهل المغاربة آنذاك وضعفهم. ولعل تطهير العقار من جميع الحقوق السابقة على التحفيظ يدخل في هذا الاطار، علما بان ذلك لا يمنع من القول بان هذا القانون ادى ولازال يؤدي خدمات جليلة لفائدة المالكين وما ترتب عن ذلك من استقرار في المعاملات العقارية وحفظ للحقوق العينية مما يتعين تنقيح هذا القانون وسد الثغرات التي ابان التطبيق العملي عنها خصوصا بعد استقلال المغرب.
[12] وفي هذا الاطار عرضت احدى الجماعات السلالية الخاضعة لظهير 27/04/1919 نازلة تتعلق بالطعن في قرار المحافظ العقاري بتاوريرت بصلة ان هذا الأخير قام بتحفيظ ملك جماعي علما بان المحافظ المذكور لم يتخذ قراره الا بعد ان اصدر القضاء العادي في جميع مراحله بما فيها مرحلة النقض حكما يقضي بعدم صحة تعرض هاته الجماعة وتتمسك هاته الاخيرة بكون المسطرة شابتها عيوب وخروقات، اضافة إلى ان التطهير الذي يكون من نتائج التحفيظ لا يمتد إلى العقارات المملوكة للدولة أو الجماعات السلالية، والملف لا زال معروضا على هاته المحكمة يحمل رقم : 164/98 وقد صدر فيه بتاريخ : 08/03/2000 حكم أولي قضى باختصاص المحكمة الإدارية للبت في الطلب مع ارجاع الملف إلى مكتب القاضي المقرر لمتابعة الإجراءات.
[13] أوردته بنصه الكامل ذة. امينة جبران البخاري في كتابها : القضاء الاداري ـ دعوى القضاء الشامل ص 320.
[14] حكم عدد 294 بتاريخ 24/06/1998 منشور بالمجلة المغربية للادارة المحلية والتنمية عدد 26 ص203.
[15] انظر الفصل 15 وما بعده من المرسوم رقم : 240- 62- 3 بتطبيق الظهير الشريف الصادر بضم الاراضي الفلاحية بعضها إلى بعض بتاريخ 22 صفر 1382 هـ (25/07/1962) وكذا ما وقع عليه من تعديل بمقتضى المرسوم رقم 38 ـ69 ـ2 بتاريخ 10 جمادى الأولى 1389 (25/07/1969).
[16] انظر بحث ذ. محمد الحمداني بعنوان : اصدار الحكم على ضوء مقتضيات المسطرة المدنية وظهير
1913 المطبق على العقارات التي في طور التحفيظ. والمنشور بمجلة المحامي التي تصدر عن هيئة
المحامين بمراكش عدد 34 ص39.
ذ. محمد النجاري رئيس المحكمة الإدارية بوجدة.
مواضيع مشابهة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق